الاقتصاد التركي حتى نهاية 2019

يمكننا أن نعد عام 2019 عام تعافي الاقتصاد التركي بعد ما شهده من ركود و تضخم في 2018 و ما قبله،لقد تغلب الاقتصاد في تركيا عام 2019 على العقبات الاقتصادية القاسية التي عصفت بالبلاد بدءاً من هبوط العملة التركية و فقدانها نحو 30 % من قيمتها أمام الدولار الأمريكي. 

بالأرقام.. تغيرات إيجابية:

 أظهرت المؤشرات تغيراً إيجابياً لصالح الاقتصاد التركي إذ انخفض معدل التضخم تدريجياً من 20.35 % في كانون الثاني إلى 8.5 % في تشرين الأول فانتقل الاقتصاد من التقلص إلى النمو .

و لأول مرة شهد الميزان التجاري التركي على أساس سنوي فائضاً في حزيران 2019 منذ 17 عاماً.

الاقتصاد التركي حتى نهاية 2019

و قد أوردت هيئة الإحصاء أن قيمة الصادرات في الأشهر العشرة الأولى من 2019 زادت بنسبة 1.8 % مقارنة مع الفترة نفسها من 2018 مسجلة أرقاماً قياسية بلغت 156 ملياراً و 886 مليون دولار، كما أن شهر تشرين الثاني وحده قد شهد زيادة بنسبة 0.1 % مقارنة مع الشهر نفسه من 2018 مسجلاً قيمة صادرات بلغت 15 ملياراً و 503 ملايين دولار.

و أوضحت الهيئة أن واردات تركيا في الأشهر العشرة الأولى تراجعت بنسبة 11 % لتستقر عند 183 ملياراً و 686 مليون دولار . 

و نقل عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله إن تركيا “أصبحت وِجهة سياحية مهمة في العالم” مؤكداً أن عدد السياح سيتجاوز في 2019 (50 ) مليون سائح. لتشكل السياحة في تركيا مورداً هاماً للاقتصاد.

توقعات المؤسسات الدولية: 

كل ما سبق جعل المؤسسات الاقتصادية الدولية تعدل توقعاتها تجاه الاقتصاد التركي وتميل نحو الإيجابية أكثر في هذه التوقعات إذ توقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد في تركيا بمعدل 3% بدلاً من 2.5 % ، كما توقع أن ينخفض معدل التضخم إلى 12.6 بدلاً من 14.1 في تقديراته الأخيرة. 

أما البنك الدولي فتوقع أن ينمو اقتصاد تركيا بنسبة 3 % في العام القادم بعد أن كان قد توقع له نسبة نمو صفرية في 2019 .

و توقعت منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية (OECD) أن ينمو الاقتصاد التركي في 2020 بنسبة 3 % مقابل 0.3 % في 2019.

البنك المركزي التركي:

    لعب البنك المركزي التركي دوراً مهماً في دعم الاقتصاد بعد الاستقرار الذي حققه في الأسواق المالية، و ذلك من خلال تخفيضه أسعار الفائدة في تموز الماضي بمقدار 1200 نقطة أي بمعدل 12% ، و بذلك تراجعت نسبة الفائدة من 24 % إلى 12 % ، الأمر الذي أسهم بشكل جوهري في تخفيض نسبة التضخم.

يشار إلى أن بدء تخفيض أسعار الفائدة و من ثم انخفاض التضخم في البلاد جاء مع استلام مراد أويسمال منصب محافظ البنك المركزي التركي.

    و في هذا السياق قامت البنوك الدولية المركزية الكبرى في العالم بخفض أسعار الفائدة عدة مرات خلال 2019 بهدف دعم الاقتصاد الأمر الذي عزز النظرة الإيجابية إلى الاقتصاد التركي في 2020، لا سيما مع ملاحظة أن حجم الدين العام منخفض في تركيا و أن إدارة البلاد تتبع سياسات مالية موسعة أسهمت في بداية النمو الاقتصادي بعد الركود.

تطلعات 2020:

    هذه المؤشرات الإيجابية تمنح المتابع ثقة بأجواء اقتصادية مستقرة في 2020 بعد حزمة الإصلاحات التي بدأتها تركيا منذ مطلع 2019، إذ بدأت هذا العام برفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 26 %، كما عملت الحكومة على تعزيز المركز المالي التركي من خلال إجراءات أهمها تخفيضات ضريبية و إعفاءات مالية بالتزامن مع خطوات البنك المركزي و بعض القطاعات الأخرى. 

    تطمح الإدارة الاقتصادية التركية بعد الإنجازات التي حققتها خلال 2019 إلى مزيد من التحسن محددة أهدافها بتخفيض نسبة العجز في الحساب الجاري من الدخل القومي خلال 2020 إلى حدود 1.2 % من الناتج المحلي بعد أن كان العجز قد وصل في 2018 إلى أدنى مستوياته خلال تسع سنوات.

    كما تهدف إلى تقليص نسب التضخم في الأعوام 2020 و 2021 و 2022 على النحو التالي 8.5% و 6% و 4.9 %.

    و يأخذ البرنامج الإصلاحي بعين الاعتبار موضوع البطالة فيهدف إلى تقليص نسبتها إلى 12.9 % في 2019

و 11.8 % في 2020 

و 10.6 % في 2021

 و 9.8 % في 2022

    لقد خاض هذا البرنامج الإصلاحي معركة طاحنة مع التقلبات الاقتصادية و نفذ خطوات ثابتة في ظل المخاطر الخارجية و التحديات الداخلية مثبتاً أن الاقتصاد التركي “ليس هشاً “كما جاء على لسان أحد مسؤولي الأمم المتحدة، لكنه اقتصاد ثابت يستطيع الاعتماد على نفسه في ظل الأزمات.